[كتاب] إثنتا عشرة حكاية تائهة لغابرييل ماركيز
إثنتا عشرة حكاية تائهة
من المعروف عن ماركيز الواقعية السحرية.. وعليه فإننا معتادون كقراء على الحكاية الواقعية المليئة بالأحداث الغرائبية..
مراجعة :د.محمد حمدان
https://www.goodreads.com/review/show/1227589202
هي اثنتا عشرة قصة كتابها ماركيز على امتداد 18 عاماً.. والعامل المشترك فيها جميعاً أنها تتحدث عن لاتينيين في أوروبا.. ومن هذه القصص ما نشرها ماركيز في الصحف ومنها ما قصها على أحدهم الذي قام بتسجيلها صوتياً.. بصوت ماركيز ثم أعاد نشرها.. ثم جاء ماركيز وجمعها جميعاً وأعاد كتابتها لينشرها لنا بشكلها الحالي في هذا الكتاب. لي تعليق صريح على عامل الإقناع في هذه المجموعة القصصية.. كم حكاية مرّت علينا بحبكات مشابهة ووجدنا أنها غير مقنعة ؟ لكن الأمر العجيب هو ما أن يكون النص بتوقيع شخص بثقل ماركيز.. حتى يبدو فجأة أكثر إقناعاً.. وقابلاً جداً للحدوث.. ورغم مرارة هذه الملاحظة لكنها حقيقة.. أننا كبشر قراء نهتم بالكاتب أكثر من إهتمامنا بالنص. من المعروف عن ماركيز الواقعية السحرية.. وعليه فإننا معتادون كقراء على الحكاية الواقعية المليئة بالأحداث الغرائبية.. وهذه المجموعة القصصية ليست باستثناء عن ذلك أبداً.. والآن، إلى الحكايات: سفراً سعيداً سيدي الرئيس: أعجبتني هنا المفارقة في نهاية الحكاية فرغم تأكيد الرئيس المخلوع في منفاه أن جميع من يطمح للرئاسة في بلاده ينظر للرئاسة على أنها وظيفة يطمع بها ليس إلا.. ورغم ذلك الزهد والإقرار بكون فترة حكمه لبلاده قد تكون أسوء ما حدث في تاريخ بلاده.. ورغم صحته السيئة.. لكنه آثر في نهاية حياته للعودة إلى بلاده لتشكيل حركة إصلاحية في سبيل قضية عادلة ووطن كريم.. أو أنها لمجرد مجد حقير ألا يموت شيئاً فشيئاً في السرير. وكم نملك من هذه النماذج في بلادنا اليوم. القديسة: مارغاريتو يدوارت الذي ماتت له بنت قبل إحدى عشر عاماً.. ثم نبش قبرها ليجدوها كما هي لم تتحلل.. وظل والدها يسعى لمدة اثنين وعشرين عاماً في سبيل أن تنال جثة إبنته مباركة البابا في روما.. كي تصبح قديسة. وأعجبتني هنا المفارقة في نهاية الحكاية.. أن الراوي يخبرنا أن القديس الحقيقي هنا هو الأب.. في سعيه المقدس كي تنال جثة ابنته المعجزة.. مباركة البابا. طائرة الجميلة النائمة: هناك هاجس دائم عند ماركيز في مراقبة فتاة جميلة نائمة.. وقد كتب في ذلك رواية كاملة "ذكريات عن عاهراتي الحزينات" وها هو هنا يسجل قصة أخرى عن تلك المصادفة العجيبة في أن تجلس إلى جواره في الطائرة فتاة جميلة كانت قد أعجبته في المطار.. لرحلة طويلة في ثمان ساعات.. وهو لا يفعل شيئاً عدا مراقبتها خلال 6 ساعات منها.. لربما عندما أصبح في عمر ماركيز قد أتفهم هذا النوع من الهاجس. مهنة الحلم: هنا حكاية مثيرة للإهتمام عن إمرأة لها مهنة "بأنها تحلم" ويحدث أن أحلامها تتحقق.. وتسير الحكاية عن بعض هذه الأحلام.. الإتصال الهاتفي أمنيتي: ذلك المصير المأساوي التي تلقاه ماريا الزوجة البائسة.. والتي لها ماضٍ في الفرار من زوجها.. وهنا أقتبس: "فبعد ليل من الفحش الشائن إستيقظ ذاك الصباح ولم يجدها إلى جانبه. وكانت قد تركت له كل ما تملك حتى خاتم زواجها السابق. كذلك رسالة تصارحه فيها بعجزها عن احتمال عذابات حبهما الجامح. وتصور ساتورنو أنها عادت إلى زوجها الأول وهو زميل قديم لها عرفته أيام الدراسة وتزوجت منه في الخفاء لأنها لم تكن قد بلغت سن الرشد بعد. ثم تخلف عنه لترتبط برجل آخر بعد زواج تم من دون حب ودام عامين. لكنها لم تفعل، فقد عادت إلى منزل ذويها حيث لحق بها ساتورنو ليردها إليه بأي ثمن. توسل إليها من غير حدود وعاهدها أن يبذل لها أضعاف ما سبق له أن فعل بألف مرة. لكنه اصطدم بقرارها الصلب "ثمة حب يدوم وآخر لا يدوم". قالت له ثم عقبت بقسوة "حبنا هذا لم يدم". وسلم ساتورنو بقرارها. على أنه وجدها ذات صباح من صباحات عيد جميع القديسين، وكان يهم بدخول غرفته اليتيمة من دونها، بعد عام من النسيان أو التناسي، نائمة على أريكة البهو بأكليل من زهور البرتقال وبثوب كأثواب العرائس العذارى يرفل بذيل خفيف وطويل. وصارحته ماريا بالحقيقة. فقد خذلها خطيبها الجديد وهو أرمل لم يرزق بأطفال وينعم بمركز مرموق. أكد لها استعداده للزواج منها كنسياً لمدى العمر. لكنه تخلف عن الحضور فيما كانت بانتظاره أمام المذبح في ثوب العرس. وقد أصر أهلها على إحياء حفل الزواج على الرغم من غيابه فامتثلت ولعبت دورها. وشاركت المارياتشي الرقص والغناء وشربت أكثر مما ينبغي ثم انصرفت عند منتصف الليل للبحث عن ساتورنو يتآكلها ندم فظيع كان قد فات أوانه. لم يكن في المنزل لكنها عثرت على المفتاح داخل أصيص الورود في الرواق. في المكان نفسه الذي اعتادا إخفاءه فيه. هذه المرة كانت هي الطرف الذي عاد من غير قيد أو شرط "هل لي أن أعلم إلى متى ؟" سألها فأجابت ببيت من الشعر لفينيسيوس دو مورايس "الحب سرمدي بقدر ما يدوم" عقب ذلك بعامين أصبح حبهما سرمدياً إلى الأبد." من يدري.. لربما كانت تستحق هكذا خاتمة في نهاية الأمر.. أهوال شهر الصيف: تتحدث الحكاية عن بيت مسكون كان قد حدثت فيه جريمة قتل.. حيث قتل صاحب المنزل زوجته.. ويقال أن أرواحهما لا تزال تعيش في ذلك المنزل الذي اشتراه رجل ثري يسكن فيه حالياً وقد استضاف أبطال القصة والذي تتحدث الحكاية عنهم.. وما حدث لهم من هول إن أمكن لنا قول ذلك. خريف ماريا: ماريا العاهرة المتقاعدة العجوز والتي لا يشغل بالها أمر آخر عدا أن تحصل على قبر تنعم فيه بموت مريح هاديء.. وتتحدث الحكاية عن هواجسها في الحصول على ذلك وذلك الموت الذي تتوقعه ولا يأتي كما تتوقع. سبعة عشر إنجليزياً مسموماً: يومٌ بائس في حياة السنيورة برودانسيا.. لكنه ليس أكثر بؤساً من هؤلاء الإنجليز ! صيف مدام فورب السعيد: مدام فورب.. تلك المربية القاسية.. التي تحيا حياة خاصة طائشة وتلك النهاية الأكثر من مأساوية. الضوء مثل الماء: لربما تكون أغرب حكاية ضمن المجموعة حيث كانت العبارة المجازية في كون الضوء مثل الماء.. لتتحول إلى نهاية مأساوية عندما تؤخذ نفس العبارة بمعناها حرفياً.. ريح الشمال: حين يقودك الخوف من الموت للهرب منه.. إليه ! أثر دمائك على الثلج: أكثر حكاية أعجبتني.. رغم كونها تحمل مفارقة عجيبة: شاب من سيئي السمعة يدخل غرفة غيار ملابس الفتيات نصف عارٍ ويلتقي بفتاة عارية ثم يكشف لها عن عورته المنتصبة متفاخراً بنفسه.. لتتحداه الفتاة.. ثم يقعان في الغرام ! يا لها من حياة بسيطة ! لكنها تكون ببساطة مماثلة حقاً أحياناً. تتحول الحكاية فيما بعد زواجهما إلى الحديث عن حادثة نزيف أصبعها الذي تطور حتى إضطرت للدخول إلى المشفى. لا أريد الخوض فيها أكثر.. حتى لا أخربها على القاريء. باختصار، هي مجموعة مثيرة للإهتمام لنوعية خاصة من القراء.. لا أتوقعها تتفق مع أي قاريء.
هي اثنتا عشرة قصة كتابها ماركيز على امتداد 18 عاماً.. والعامل المشترك فيها جميعاً أنها تتحدث عن لاتينيين في أوروبا.. ومن هذه القصص ما نشرها ماركيز في الصحف ومنها ما قصها على أحدهم الذي قام بتسجيلها صوتياً.. بصوت ماركيز ثم أعاد نشرها.. ثم جاء ماركيز وجمعها جميعاً وأعاد كتابتها لينشرها لنا بشكلها الحالي في هذا الكتاب. لي تعليق صريح على عامل الإقناع في هذه المجموعة القصصية.. كم حكاية مرّت علينا بحبكات مشابهة ووجدنا أنها غير مقنعة ؟ لكن الأمر العجيب هو ما أن يكون النص بتوقيع شخص بثقل ماركيز.. حتى يبدو فجأة أكثر إقناعاً.. وقابلاً جداً للحدوث.. ورغم مرارة هذه الملاحظة لكنها حقيقة.. أننا كبشر قراء نهتم بالكاتب أكثر من إهتمامنا بالنص. من المعروف عن ماركيز الواقعية السحرية.. وعليه فإننا معتادون كقراء على الحكاية الواقعية المليئة بالأحداث الغرائبية.. وهذه المجموعة القصصية ليست باستثناء عن ذلك أبداً.. والآن، إلى الحكايات: سفراً سعيداً سيدي الرئيس: أعجبتني هنا المفارقة في نهاية الحكاية فرغم تأكيد الرئيس المخلوع في منفاه أن جميع من يطمح للرئاسة في بلاده ينظر للرئاسة على أنها وظيفة يطمع بها ليس إلا.. ورغم ذلك الزهد والإقرار بكون فترة حكمه لبلاده قد تكون أسوء ما حدث في تاريخ بلاده.. ورغم صحته السيئة.. لكنه آثر في نهاية حياته للعودة إلى بلاده لتشكيل حركة إصلاحية في سبيل قضية عادلة ووطن كريم.. أو أنها لمجرد مجد حقير ألا يموت شيئاً فشيئاً في السرير. وكم نملك من هذه النماذج في بلادنا اليوم. القديسة: مارغاريتو يدوارت الذي ماتت له بنت قبل إحدى عشر عاماً.. ثم نبش قبرها ليجدوها كما هي لم تتحلل.. وظل والدها يسعى لمدة اثنين وعشرين عاماً في سبيل أن تنال جثة إبنته مباركة البابا في روما.. كي تصبح قديسة. وأعجبتني هنا المفارقة في نهاية الحكاية.. أن الراوي يخبرنا أن القديس الحقيقي هنا هو الأب.. في سعيه المقدس كي تنال جثة ابنته المعجزة.. مباركة البابا. طائرة الجميلة النائمة: هناك هاجس دائم عند ماركيز في مراقبة فتاة جميلة نائمة.. وقد كتب في ذلك رواية كاملة "ذكريات عن عاهراتي الحزينات" وها هو هنا يسجل قصة أخرى عن تلك المصادفة العجيبة في أن تجلس إلى جواره في الطائرة فتاة جميلة كانت قد أعجبته في المطار.. لرحلة طويلة في ثمان ساعات.. وهو لا يفعل شيئاً عدا مراقبتها خلال 6 ساعات منها.. لربما عندما أصبح في عمر ماركيز قد أتفهم هذا النوع من الهاجس. مهنة الحلم: هنا حكاية مثيرة للإهتمام عن إمرأة لها مهنة "بأنها تحلم" ويحدث أن أحلامها تتحقق.. وتسير الحكاية عن بعض هذه الأحلام.. الإتصال الهاتفي أمنيتي: ذلك المصير المأساوي التي تلقاه ماريا الزوجة البائسة.. والتي لها ماضٍ في الفرار من زوجها.. وهنا أقتبس: "فبعد ليل من الفحش الشائن إستيقظ ذاك الصباح ولم يجدها إلى جانبه. وكانت قد تركت له كل ما تملك حتى خاتم زواجها السابق. كذلك رسالة تصارحه فيها بعجزها عن احتمال عذابات حبهما الجامح. وتصور ساتورنو أنها عادت إلى زوجها الأول وهو زميل قديم لها عرفته أيام الدراسة وتزوجت منه في الخفاء لأنها لم تكن قد بلغت سن الرشد بعد. ثم تخلف عنه لترتبط برجل آخر بعد زواج تم من دون حب ودام عامين. لكنها لم تفعل، فقد عادت إلى منزل ذويها حيث لحق بها ساتورنو ليردها إليه بأي ثمن. توسل إليها من غير حدود وعاهدها أن يبذل لها أضعاف ما سبق له أن فعل بألف مرة. لكنه اصطدم بقرارها الصلب "ثمة حب يدوم وآخر لا يدوم". قالت له ثم عقبت بقسوة "حبنا هذا لم يدم". وسلم ساتورنو بقرارها. على أنه وجدها ذات صباح من صباحات عيد جميع القديسين، وكان يهم بدخول غرفته اليتيمة من دونها، بعد عام من النسيان أو التناسي، نائمة على أريكة البهو بأكليل من زهور البرتقال وبثوب كأثواب العرائس العذارى يرفل بذيل خفيف وطويل. وصارحته ماريا بالحقيقة. فقد خذلها خطيبها الجديد وهو أرمل لم يرزق بأطفال وينعم بمركز مرموق. أكد لها استعداده للزواج منها كنسياً لمدى العمر. لكنه تخلف عن الحضور فيما كانت بانتظاره أمام المذبح في ثوب العرس. وقد أصر أهلها على إحياء حفل الزواج على الرغم من غيابه فامتثلت ولعبت دورها. وشاركت المارياتشي الرقص والغناء وشربت أكثر مما ينبغي ثم انصرفت عند منتصف الليل للبحث عن ساتورنو يتآكلها ندم فظيع كان قد فات أوانه. لم يكن في المنزل لكنها عثرت على المفتاح داخل أصيص الورود في الرواق. في المكان نفسه الذي اعتادا إخفاءه فيه. هذه المرة كانت هي الطرف الذي عاد من غير قيد أو شرط "هل لي أن أعلم إلى متى ؟" سألها فأجابت ببيت من الشعر لفينيسيوس دو مورايس "الحب سرمدي بقدر ما يدوم" عقب ذلك بعامين أصبح حبهما سرمدياً إلى الأبد." من يدري.. لربما كانت تستحق هكذا خاتمة في نهاية الأمر.. أهوال شهر الصيف: تتحدث الحكاية عن بيت مسكون كان قد حدثت فيه جريمة قتل.. حيث قتل صاحب المنزل زوجته.. ويقال أن أرواحهما لا تزال تعيش في ذلك المنزل الذي اشتراه رجل ثري يسكن فيه حالياً وقد استضاف أبطال القصة والذي تتحدث الحكاية عنهم.. وما حدث لهم من هول إن أمكن لنا قول ذلك. خريف ماريا: ماريا العاهرة المتقاعدة العجوز والتي لا يشغل بالها أمر آخر عدا أن تحصل على قبر تنعم فيه بموت مريح هاديء.. وتتحدث الحكاية عن هواجسها في الحصول على ذلك وذلك الموت الذي تتوقعه ولا يأتي كما تتوقع. سبعة عشر إنجليزياً مسموماً: يومٌ بائس في حياة السنيورة برودانسيا.. لكنه ليس أكثر بؤساً من هؤلاء الإنجليز ! صيف مدام فورب السعيد: مدام فورب.. تلك المربية القاسية.. التي تحيا حياة خاصة طائشة وتلك النهاية الأكثر من مأساوية. الضوء مثل الماء: لربما تكون أغرب حكاية ضمن المجموعة حيث كانت العبارة المجازية في كون الضوء مثل الماء.. لتتحول إلى نهاية مأساوية عندما تؤخذ نفس العبارة بمعناها حرفياً.. ريح الشمال: حين يقودك الخوف من الموت للهرب منه.. إليه ! أثر دمائك على الثلج: أكثر حكاية أعجبتني.. رغم كونها تحمل مفارقة عجيبة: شاب من سيئي السمعة يدخل غرفة غيار ملابس الفتيات نصف عارٍ ويلتقي بفتاة عارية ثم يكشف لها عن عورته المنتصبة متفاخراً بنفسه.. لتتحداه الفتاة.. ثم يقعان في الغرام ! يا لها من حياة بسيطة ! لكنها تكون ببساطة مماثلة حقاً أحياناً. تتحول الحكاية فيما بعد زواجهما إلى الحديث عن حادثة نزيف أصبعها الذي تطور حتى إضطرت للدخول إلى المشفى. لا أريد الخوض فيها أكثر.. حتى لا أخربها على القاريء. باختصار، هي مجموعة مثيرة للإهتمام لنوعية خاصة من القراء.. لا أتوقعها تتفق مع أي قاريء.
الانضمام إلى المحادثة