[قصة قصيرة] الحب في الحرب

 قصة قصيرة عن الحب في الحرب

الحب والحرب


في ليلة باردة من شهر ديسمبر، كانت ريم تنتظر عودة زوجها أحمد من الجبهة. كان أحمد جنديا في الجيش الوطني الذي يحارب ضد الاحتلال الأجنبي. ريم كانت تشعر بالقلق والخوف على حياة زوجها، فلم تسمع منه أي خبر منذ أسابيع. كانت تتمنى أن يعود سالما إلى حضنها وإلى ابنهما الصغير علي.


في تلك الليلة، سمعت ريم طرقا على الباب. قفزت من مكانها وركضت إلى الباب، متمنية أن يكون زوجها. فتحت الباب بسرعة، ولكنها لم تجد أحمد. بل وجدت رجلا غريبا يرتدي زي الجيش، يحمل حقيبة صغيرة في يده. نظر إليها بعينين حزينتين، وقال: "أنتِ ريم، زوجة أحمد؟"


ريم شعرت ببرودة في قلبها، وأجابت بصوت مرتعش: "نعم، أنا ريم. من أنت؟ وأين زوجي؟"


الرجل أخذ نفسا عميقا، وقال: "أنا صديق زوجك في الجيش. اسمي خالد. أنا آسف جدا لأخبارك هذا، لكن زوجك استشهد في المعركة الأخيرة. هذه حقيبته التي تركها لكِ ولابنك."


ريم لم تصدق ما سمعت. شعرت بأن الأرض تنهار تحت قدميها. بكت بصوت عال، وسقطت على الأرض. خالد حاول مساعدتها، ولكنها دفعته بعنف. قالت: "ابتعد عني! هذا كذب! زوجي لا يزال حيا! هو سيعود إلي! هو لن يتركني وحدي!"


خالد نظر إليها بحزن، وقال: "أنا أفهم مدى ألمك، ريم. لكن عليكِ أن تقبلي الحقيقة. زوجك كان بطلا وشهيدا. هو ضحى بحياته من أجل الوطن والحرية. هو يحبكِ كثيرا، وأراد أن تستلمي هذه الحقيبة التي تحتوي على رسائله وصوره وذكرياته."


خالد وضع الحقيبة على الأرض، وقال: "أنا سأترككِ الآن، ريم. إذا كنتِ بحاجة إلى أي شيء، فلا تترددي في الاتصال بي. رقم هاتفي موجود في الحقيبة. أسأل الله أن يصبركِ ويرحم زوجك."


خالد خرج من البيت، وترك ريم وحيدة مع حقيبة زوجها. ريم نهضت بصعوبة، وأخذت الحقيبة. فتحتها، ووجدت فيها رسائل كتبها زوجها لها، يعبر فيها عن حبه واشتياقه وأمله في اللقاء. وجدت أيضا صورة لزوجها وابنها، يبتسمان بسعادة. وجدت كذلك عقدا من اللؤلؤ، كان قد أهداه لها في ذكرى زواجهما الأولى.


ريم قرأت الرسائل بعينين دامعتين، وقبلت الصورة بشفتين مرتجفتين، وارتدت العقد على عنقها. شعرت بأن زوجها ما زال معها، في قلبها وروحها. شعرت بأن حبهما لن يموت أبدا، بل سيظل حيا في ذكرى الشهادة. شعرت بأن الحرب لن تستطيع أن تفرقهما، بل ستجمعهما في الجنة.


ريم سمعت صوت ابنها علي، الذي استيقظ من نومه. ذهبت إلى غرفته، وحملته في حضنها. قالت له: "ابني الغالي، أنا أحبك كثيرا. وأبوك أيضا يحبك كثيرا. هو في مكان أفضل الآن. هو في الجنة مع الله. هو يشاهدنا من هناك، ويفخر بنا. هو يريد أن نكون قويين وسعيدين. هل تفهم؟"


علي نظر إلى والدته بعينين بريئتين، وقال: "نعم، أمي. أفهم. أحبك أنتِ أيضا. وأحب أبي كثيرا. هو بطل وشهيد. هو سيعود إلى حضنك يومًا ما."


ريم احتضنت ابنها بحنان، وقالت: "إن شاء الله، يا علي. إن شاء الله."

شاركنا برأيك